مقالات و دراسات

اسلحة المقاومة الجديدة ومقتضيات اللحظة

د. عابد الزريعي

يخضع ادخال سلاح جديد الى ارض المعركة لتقدير عسكري عملياتي، وتحليل سياسي قد ترتقي الى مستوى القرار بدخول المعركة ذاتها. فالأمر يتجاوز حدود التباهي او العفوية، اللتان تشكلان مقتلا لأي قائد، ويؤشران الى لحظة ارتباكه او عدم تحكمه في مسار الميدان.

ذلك يدفع للسؤال عن توقيت ادخال المقاومة لسلاحين نوعيين بكل المقاييس، بينما المعركة تقترب من نهاية شهرها التاسع، والسؤال يستولد السؤال.. لماذا لم يتم ذلك منذ البداية؟

وقد جاء استخدام الاسلحة المقصودة بشكل يكاد يكون متواقتا سواء من مواقع الاسناد، او من في بؤرة القتال المباشر، فمن مواقع الاسناد كان الصاروخ الفرط صوتي اليمني، القادر على اختصار المسافة والغاء تنبه الطرف الاخر، وبالنتيجة تحييد قدرته على التصدي.

ومن جهة ثانية دخول الطيران المسير من لبنان في مستويين، الاول القدرة على اختراق اجواء العدو وتصوير منشئاته الحساسة، والثانية كسلاح انقضاض على مواقع العدو بشكل متوازي مع القصف المدفعي.

وفي بؤرة القتال المباشر في غزة ظهر للمرة الاولى صائد الدبابات، صاروخ السهم الاحمر الذي استخدمته المقاومة الفلسطينية والقادر على اصابة الدبابة على بعد 4 كم، يعني أكثر من مقياس قطاع غزة عرضا او طولا، وبالنتيجة امكانية ضرب دبابة العدو لحظة تحركها وقبل ان تتاح لها الفرصة للتموضع.


اجابة على سؤال، لماذا لم يتم زج هذه الاسلحة في المعركة منذ البداية؟

ان عدم استخدام هذه الاسلحة منذ البداية يؤكد ان المقاومة في موقعيها تدير القتال بخبرة ودراية، بعيدا عن الانفعال والتسرع، وتتصرف على ضوء مقتضيات الميدان وتطور القتال، ولذلك كانت قادرة على ان تبقي في جعبتها ما يمكن ان تفاجئ به العدو، ويسمح لها بالتكيف الفاعل مع تعقيدات ومسارات معركة طويلة. اما لماذا الان.؟

يمكن القول ان مجموعة من الحقائق قد فرضت على المقاومة ان ترفع مستوى المواجهة باستخدام اسلحة جديدة في ظل حقيقتين:


1 ــ تعثر العملية التفاوضية نتيجة للمماطلة الاسرائيلية المغطاة امريكيا.


2 ــ اشهار الجوع كسلاح حرب، لوضع حد السكين الانساني على عنق المقاومة.


التفاعل بين هاتين الحقيقتين يقود الى الاستنتاج بان هناك مراهنة امريكية اسرائيلية عربية متواطئة على ان المقاومة تمضي باتجاه استنفاذ قدراتها، وان اللحظة مناسبة لتأليب القاعدة الاجتماعية ضدها.

لذلك كان الزج بأسلحة جديدة بما يعنيه ذلك من رفع وتيرة المواجهة، رسالة تأكيد بان المقاومة ببؤرتيها قادرة على الاستمرار، وفي حوتها ما يمكن ان تفاجئ به الجميع.

خاصة وانها على وعي ومعرفة باستنادها الى قاعدة شعبية وفية ومتينة، الامر الذي يؤكده فشل كل محاولات البحث عن بدائل مدنية عن المقاومة في القطاه، ومن ناحية ثانية مراقبتها الدقيقة لحالة التآكل المتدحرجة التي يعاني منها الكيان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق