امريكا تعين مبعوثا خاصا لتوسيع اتفاقيات ابراهام ودمج اسرائيل في المنطقة
عابد الزريعي – مدير مركز دراسات ارض فلسطين للتنمية والانتماء
مرر مجلس النواب الأميركي، 14 يونيو 2023 مشروع قانون لإنشاء منصب مبعوث خاص جديد في وزارة الخارجية الأميركية، مخصصا لتوسيع اتفاقيات بين الدول العربية وإسرائيل. ودمج إسرائيل بشكل مستمر في منطقة الشرق الأوسط الكبير. وذلك بتوافق شبه كامل بين الجمهوريين والديمقراطيين، يتبدى ذلك من اقرار المشروع بأغلبية 413 صوتا ضد 13 وامتناع ثمانية اعضاء. ويدعو التشريع المبعوث – المعين من قبل الرئيس، والذي أكده مجلس الشيوخ ويقدم تقاريره مباشرة إلى وزير الخارجية ليكون مسؤولاً عن التنسيق نيابة عن حكومة الولايات المتحدة مع السفراء الإقليميين والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين لتعزيز وتوسيع نطاق المواثيق. وكان وزير الخارجية الامريكي قد استبق اقرار المشروع وأعلن قبل اسبوع في خطابه امام الايباك: “سننشئ قريبًا منصبًا جديدًا لتعزيز دبلوماسيتنا ومشاركتنا مع الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، وكلها تعمل نحو منطقة أكثر سلمًا وأكثر ارتباطًا من أجل تحقيق تقدم تاريخي كبير لتعميق وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، بناء على عمل إدارة ترامب “. ذلك يطرح تحديات صعبة امام قوى مقاومة التطبيع، التي ركنت الى حالة مريبة من الانتظار. لقد سبق وحذرنا مما يجري الترتيب والاعداد له في مطابخ السياسة الخارجية الامريكية، وفي هذا السياق نعيد التذكير بما نشرناه في كتاب ” الدليل القومي لمقاومة
التطبيع وصد التموضع الصهيوني الجديد” وذلك ضمن الانموذج الثامن ص 283 ــ 285. مع اعادة التأكيد على الاستخلاصات الواردة.
الأنموذج الثامن: الحملة القانونية المضادة.
يقدم هذا الأنموذج صورة للحملة القانونية المضادة التي تشنها القوى الامبريالية والصهيونية؛ لمحاصرة وتصفية كل ارث مقاومة التطبيع في الساحة العربية، من اجل تجريدها من كل ما يمكن الاستناد عليه لمواصلة المقاومة ضد قوى التطبيع، ومن اجل تهيئة البيئة المناسبة لها كي تنمو وتهيمن. الأمر الذي يتبدى في القانون الذي اقره المشرع الأمريكي بخصوص التعامل مع منظومة القوانين العربية التي مازال بعضها يتخذ موقفا سلبيا من التطبيع والمطبعين. وقد اتخذ هذا التشريع مسارا يتوافق مع الخطوات الاستراتيجية الخمسة.
أولا: المشكلة المطروحة: تعثر مسار التطبيع. بسبب تناقض الحكومات العربية، فهي تبدى الاستعداد للتعاون مع إسرائيل، وتضطهد مواطنيها الذين يقيمون علاقات مع الإسرائيليين. كما انها تحتفظ بقوانين مناهضة للتطبيع.
ثانيا: الرؤية: وجود منطقة يعيش فيها العرب والإسرائيليون معا وبدون عوائق.
ثالثا: الأهداف المرتجاة: إلغاء القوانين المناهضة للتطبيع. وإزالة العقبات التي تمنع المشاركة المدنية
في التطبيع في المنطقة. بجهود الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية. وبإخضاع الموضوع الى التدقيق من قبل وزارة الخارجية الامريكية.
رابعا: التكتيكات: لقد بدأ العمل من اجل تحقيق ذلك الهدف منذ بداية عام 2020 باتباع تكتيكات متساندة ومتفاعلة، تمثلت فيما يلي:
1 ـــ الرصد والتوثيق: توثيق وتحليل قوانين العقوبات العربية، والقانون المدني، والفتاوى الإسلامية، والهيئات البرلمانية العربية والدولية ذات الصلة بموضوع اسرائيل.
2 ــ التحريض الاعلامي: وقد تكفل بها كل من جوزيف براودي رئيس مركز اتصالات السلام. ومصطفى الدسوقي مدير المجلس العربي للتكامل الإقليمي ومقره واشنطن.
3 ـــ التحريض الدولي: وفي هذا السياق قام وفد من المجلس العربي للتكامل الإقليمي في فبراير 2020 بزيارة الجمعية الوطنية الفرنسية.، وقدم تصورا للمشكلة وتلخيصا للقانون المزمع اقراره.
4 ــــ التشريع القانوني: تم تقديم “مشروع قانون للكونغرس الأمريكي بتاريخ 16/8/2020 يحمل عنوان: “قانون تعزيز الإبلاغ عن الإجراءات المتخذة ضد تطبيع العلاقات مع إسرائيل لعام 2020.”. وقد سنته لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس تحت الرقم ” s1061»، بتاريخ 25 يونيو 2021.
خامسا: الهدف المتحقق: سن قانون يدعو وزير الخارجية الامريكي إلى تقديم “تقرير سنوي عن الحالات التي قامت فيها الحكومات العربية بالانتقام من المدنيين بسبب انخراطهم في علاقات شخصية مع إسرائيليين، أيًا كان البلد العربي”. ويطالب وزارة الخارجية بما يلي:
1 ــ الإبلاغ عن حالة التطبيع مع إسرائيل، وعن القوانين التي تعاقب المطبعين، والقوانين المناهضة للتطبيع. والخطوات التي اتخذتها الحكومات العربية لتشجيع المواطنين على التطبيع.
2 ــ تقديم تقرير حول كيفية تشجع الحكومة الأمريكية على تعزيز العلاقات بين الكيان والدول العربية.
3 ــ وضع خطة زمنية يتم خلالها تعزيز تطبيع العلاقات بين الكيان والدول العربية. وتوسيع “اتفاقيات
إبراهيم”.
سادسا: الاستخلاص: تكمن أهمية وعي هذه المسألة في التأكيد على ثلاثة قضايا تتعلق بمقاومة التطبيع. تتمثل الأولى في كون خارطة القوى المنخرطة في محاولة فرض التطبيع على الساحة العربية وحماية المطبعين تتجاوز الحدود الإقليمية للمنطقة. وتتمثل الثانية في ان مقاومة التطبيع تستدعي أيضا تجاوز الحدود الإقليمية والانخراط في بناء تحالفات بذات المستوى. بينما تتمثل الثالثة في وعي أهمية المقاومة القانونية للتطبيع سواء بالدفاع عن قوانين مازالت موجودة في المنظومة القانونية العربية بمنع الغائها والاستناد اليها في المقاومة، وبالعمل على سن قوانين جديدة رافضة ومقاومة للتطبيع.