مقالات و دراسات

خطورة تهويد وتدمير المسجد الأقصى           

بقلم الاستاذ محمد بدران

دأبت قطعان المستوطنين الصهاينة باستباحة حرمة المسجد الأقصى يوميّا، وإداء الطقوس الدينية وصلاة التلمود وعزف مزامير داوود ورفع الأعلام الصهيونية بحماية قوات الاحتلال وبقرار حكومي، وذلك على مرأى العالم، دون أن يستجيب هذا الكيان لنداء معظم المنظمات الدوليّة الحقوقيّة والإنسانية لوقف هذا التمادي والإجراءات الغير شرعيّة، والتي ستؤدي إلى خطورة تفجير الوضع في المنطقة ومواجهات لا تبقي ولا تزر، مع أنّ سدنة وأبناء فلسطين يواجهون بعزيمة صلبة هذه التعديّات والتّحديات بكلّ ما أوتوا من قوّة وتضحية ودماء مناشدين الأمّتين العربية والإسلامية بإتخاذ موقف جادّ وحازم من هذه المخططات الإجراميّة بحقّ مقدّساتهم. إن سياسة الكيان الصهيوني ومخططاته لمدينة القدس والمسجد الأقصى تعود لعام 1967 عندما احتل القدس الشرقية وأعلن يومها أنّ القدس عاصمة موحّدة لكيانه، ومنذ ذلك التاريخ بدأت العصابات الصهيونية الدينية المتطرفة وبتوجيه من الحخامات اليهودية وفتاويهم الحفر تحت المسجد الأقصى للبحث عن هيكلهم المزعوم، الذي أكّد عالم الآثار الإسرائيلي مائير دوف على عدم وجوده بعد دراسات وزياراته المتعدّدة لموقع الحفر، وقد نفى كل الادعاءات الصهيونية، كما أن هذه السلطات المحتلة تقوم بهدم عدّة بيوت ومنازل محيطة بالمسجد الأقصى ومنع المقدسيين البقاء في محيطه بحجة إقامة مشاريع سياحية وحدائق، وقد صرّح الصهيوني نورعام مندرمان على أنه سيقوم مع عصابته بإزالة المسجد الأقصى في يوم من الأيام، كما حشدت الحركة الصهيونية مزيدا من يهود العالم إلى فلسطين تنفيذا لقرار العودة إلى أرض ( الميعاد) وهيكلهم المزعوم.
وقد أقدم الكيان الصهيوني إلى تحويل حائط البراق وحي المغاربة إلى ملكيّة ما يسمى بحائط المبكى اليهودي، مع أن هذا العقار يعود ملكيته إلى الوقف الإسلامي وهو جزء لا يتجزأ من منطقة الحرم الشريف للمسجد الأقصى، وقد أكّد على ذلك لجنة التحقيق الدولية التي شكلتها عصبة الأمم المتّحدة عام 1930 وقد جاء في هيئة الأمم المتّحدة فيما بعد قرارها بأن حائط البراق لا علاقة له بالهيكل المزعوم، ولا يمتّ لليهود بصلة، وإنّ إقامة القدس الكبرى وما أقدم عليه الاحتلال من تهويد وتغيير في معالم القدس غير شرعية وباطلة، غير أن الكيان الصهيوني تجاهل كل تلك القرارات، وغضّ الطرف عن ممارسة المنظمات الصهيونية الحاقدة التي اقترفت عمليات الحفر تحت المسجد الأقصى وعمليات التدمير والتهويد ونبش القبور وحرق المقدسات الإسلامية والمسحية، وهدم دور العبادة، وقد جاء في مذكرات تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية: (إذا حصلنا يوما على القدس وكنت ما أزال حيّا فسوف زيل كل شيء ليس مقدّسا لدى اليهود واحراق الآثار التي مرّ عليها قرون) ولقد دأب أحفاد هرتزل على تنفيذ أفكاره بالأقدام على حرق وهدم المقدسات الإسلامية والمسيحية، حيث عمد أحدهم عام 1967 إلى حرق كنيسة القيامة وفي عام 1969 أقدم صهيوني على حرق المسجد الأقصى والتي طالت النيران محراب صلاح الدين الأيوبي الذي أحضره من حلب عندما فتح مدينة القدس وحررها من الفرنجة. وتوالت بعدها تشكيل منظمات صهيونية مجرمة متطرفة بهدف الإعداد لخطط هدم المسجد الأقصى وذلك بتحريض من الحخامات اليهودية وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية وطرد الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم، ومن هذه المنظمات حركة (ريفافا) وحركة (كاخ) التي كانت وراء مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، وتحاول هذه العصابات بإستمرار دخول ساحة المسجد الأقصى لوضع حجر الأساس لبناء الهيكل المزعوم، وتحاول سلطات الاحتلال تنفيذ مشروعها بالقدس لتثبيت الوجود اليهودي، وقد تحدّث رئيس (الشاباك السابق) في مذكراته فقال: “إن اليهود يعتبرون وجود الأقصى يشكل انتهاكا لحرمة مكان مقدّس قام على الهيكل، ووضع مع عصابته مشروعا لتدمير المسجد الأقصى بإستخدام مواد متفجرة، كما تلعب جمعية انجيلية بروتستنتينية أمريكية دورا خطيرا ومتطرفا من معتقد ديني بأنه لن يكون هنالك سلام في العالم حتى يعود اليهود إلى أرض (الميعاد) وبناء دولتهم وعودة السيّد يسوع المسيح ليجلس على عرش داوود ليحكم العالم وتكون نهاية البشرية في معركة “مجيدو” ، وتجسيدا لهذا الاعتقاد تقوم هذه الجمعية في أمريكيا بدعم الحركات الصهيونية المتطرفة لتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه وتؤكد الكاتبة الأمريكية “جريس هالسل” أن الأصوليين المسحيين الأمريكيين مقتنعون بمشروع اليهود المتطرفين بتدمير المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم، ومن أجل ذلك يقومون بجمع الأموال لمساعدة المنظمات الصهيونية لتنفيذ مشروعهم.
إن سلطات الاحتلال تدعم مساعي هذه المنظمات الصهيونية لتنفيذ مخططاتها، وقد أصدر وزير داخلية الكيان الصهيوني عام 2003 قرارا يسمح بموجب ه لليهود بالصلاة في باحة المسجد الأقصى، وقد أكد هذا القرار مرارا من والاه في سلطة هذا الكيان.
إن خطورة التهويد والتدمير مازالت قائمة، فهل آن الأوان أن تتحمل الامتين العربية والإسلامية مسؤوليتهما بشجاعة أمام الله والتاريخ ومواجهة تحديات الكيان الصهيوني ويعيدا حضورهما ودورهما في الساحة الدّولية لإلزام الاحتلال تطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني المشروع وردع الاحتلال عن ممارساته الاجرامية وتهويده وتدميره للأماكن المقدّسة؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق