خطورة سياسة التدمير و التهجير في فلسطين
الاستاذ محمد بدران
تطالعنا أنباء الأراضي الفلسطينية المحتلة في كل يوم عن عمليات تدمير و تهجير لعائلات فلسطينية في القدس و أحياءها و في سلوان, و الشيخ جراح و قرى منطقة النقب على يد القوات الصهيونية, كما أن هذا الكيان الصهيوني اتخذ قرارا لبناء مدينة مكان القرى التي هجر أهلها المحتلون في منطقة النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 . و لم تتوقف بلدوزرباته عن هدم المنازل لمواطنين في الضفة الغربية, و فرض غرامات مالية باهظة على ساكنيها في حال عدم لم يقم مالك المنزل بتنفيذ قرار الهدم من تلقاء نفسه, عداك عن جرف مدافن الأولياء و الصالحين الأموات في عديد المناطق في أراضي 48 و في القدس و ضواحيها و تحويلها إلى ساحات و منتزهات على حد زعمهم . كما أن سلطات الاحتلال تحاول تفريغ مناطق من سكانها في منطقة الغور, و قد عمدت إلى مصادرة 150 ألف دونم وبناء 36 مستوطنه و منعت المزارعين من الوصول إلى حقولهم بحجة أنها مناطق عسكرية. إن خطورة هذا النهج الصهيوني يهدف إلى مصادرة ما تبقى من أراضي الضفة الغربية لبناء مزيد من المستوطنات و جلب المستوطنين إليها و رفع تعدادهم في الضفة حيث بلغ تعدادهم لحينه نحو 700 ألف مستوطن و الذين أصبحوا أداة بيد قوات الاحتلال التي تحميهم باعتداءاتهم المستمرة على المواطنين الفلسطينيين و نهب الأراضي المحيطة بالمستوطنات و قلع الأشجار و القيام بقطع الطرقات و حصار المدن و القرى . و قد بلغ نسبة ما صادره الإحتلال من أراضي الضفة الغربية 40 % , و خطورة هذه الإجراءات تكمن في استحالة قيام دولة فلسطينية متمسكة الأطراف , بل ستبقى هذه المناطق كنتونات متباعدة لا رابط بينها و لا سيادة عليها . إن هذه الجرائم تقترف بحق الشعب الفلسطيني في وضح النهار تحت سمع و بصر العالم, فيما لم يقم المجتمع الدولي بما يمليه عليه واجب مسؤولياته القانونية, و ما تقره منظمة حقوق الإنسان و الشرائع السماوية بردع هذا العدوان و جرائمه و وقف عمليات الهدم و التهجير و قتل الأطفال و اعتقال المواطنين و إغتيال المناضلين, كما نرى من جانب أخر أن الغرب و أمريكا ينتصرون إلى شعب اوكرانيا و يقدمون الدعم العسكري و المالي و السياسي, و يفتحون بيوتهم و قلوبهم للمواطنين المهجرين , فيما لم نر هذه المواقف لدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة و لجم العدوان الصهيوني بحق هذا الشعب كما أن هذا الكيان رحب بألاف اليهود الذين غادرو بيوتهم من أوكرانيا في وقت تنكرا هذا الكيان المجرم لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم و بيوتهم و ذلك تنفيذا لقرار الأمم المتحدة رقم 194 . إلى ذلك إنما يجري في فلسطين من تدمير و تهجير و تهويد و نهب للأراضي و قتل للصغار و الكبار و إعتقال و إغتيال و حصار و بناء المستوطنات لم يهز ضمائر أولئك الذين طبعوا مع الكيان الصهيوني, ألم يروا و يسمعوا ماذا يجري في فلسطين على يد أولئك الذين يستقبلونهم من القيادات الصهيونية الملطخة أيديهم بدماء أهل فلسطين ؟ ألم يخجلوا من شعوبهم التي رفضت التطبيع ؟ إن التاريخ سيلعنهم وإن شعوبهم لن ترحمهم . و إنه من عجب العجاب أن يدعي هؤلاء أنهم أقدموا على ذلك من أجل فلسطين و أنهم أصحاب المعرفة ببواطن الأمور, و أن غيرهم خارج التاريخ و العصر و أنهم يريدون للشعب الفلسطيني الخير و البقاء و إلا سيواجه هذا الشعب الإنتحار و الإنقراض, و قد نسو هؤلاء أن الشعب الفلسطيني مازال يناضل منذ مئة عام و لم ينقرض و يتعب و يتخلى عن ثوابته الوطنية و يتراجع عن نضاله لنيل حقوقه المشروعة. إن العدوان الإسرائيلي المبرمج ضد الشعب الفلسطيني لم يعد السكوت عليه مقبول, و إن الذين يعتقدون أن أهداف و أطماع (إسرائيل) قد توقفت عند هذا الحد فهم واهمون, فالصهيونية لم تندثر و أهدافها لم تتغير و مشروعها للسيطرة على أرض العرب و الثروات و الأسواق العربية لم يعد خافيا على أحد. فلا كرامة لأمة خضعت للمهانة و لا حياة حرة و سيادة لشعب أستعبد و استغلت ثرواته من مستعمر و محتل بطريق مباشر أو غير مباشر. إن الشعب الفلسطيني مستمر بكفاحه مهما بلغت التضحيات و طال الزمن إن شعبا فيه أطفال حفاة يرشقون أليات العدو بالحجارة لا يمكن أن يهزم إن شعبا فيه أمهات يودعون أبناءهن إلى ساحات المواجهات مع العدو لا بدا أن ينتصر. لقد ضاق أفق الخيارات أمام هذا الشعب فلم يجد سوى الجود بالنفس من أجل وطنه و هو أقصى غاية الجود, و قد أثبت أن لديه قدرات خارقة و صمود أسطوري و تحملا للمعاناة لا يتحملها شعب أخر كما لم يجد مبادرة حقيقية عادلة تضيق طريقه نحو المستقبل فأثر أن يضيء بدمائه و يعبدها بأجساد شهدائه وصولا إلى تحرير وطنه و إقامة دولته الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس.