دور المرأة في التصدي لصفقة القرن
تاتيانا البسيوني / ناشطة نسوية
وفق سيرورة الصراعات والحروب تدفع المرأة الثمن الأكبر بخسارتها لأرضها، ووطنها موطن استقرارها، وتعرضها لفقدان مقومات عيشها وأفراد أسرتها أحيانا. وبشكل مؤكد فقدانها لعائلتها الممتدة ومعاناتها التهجير القسري باللجوء والتغريب. مصنفة مع الطفل بالضحية الأولى و بالشريحة المجتمعية الأكثر تضررا وتعرضا للتهميش والفقر وقسوة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال النزاعات بشكل عام.
ان عالمنا العربي ومند ثلاثة عقود، عقب الانتفاضة الفلسطينية الأولى بالتحديد، أشبه ما يكون برقعة الشطرنج ، تحرك حجارها بأيدي خارجية بمنتهى الدهاء وصولا للحجر الأخير، فارضا خطة موهومة للسلام تحت مصطلح تجاري وصف بالصفقة. استمرارا لنشهر الفوضى وزعزعة السلم، حماية للمخطط الصهيوني القائم على التوسع بفكفكة الدول العربية ،و شرعنة تواجده بالمنطقة بتعزيز مسار التطبيع بكافة أشكاله لإخراجه من عزلته الإقليمية والعالمية، بعدما تكشفت مدى عنصريته بتزايد الحملات العالمية للجان المقاطعة. هادفة بالأساس للمزيد من الهيمنة على مصادر ثروات أمتنا العربية وشعوبها، للحد من إمكانية نمائها ونهوضها ضمانا لخضوعها التام للإمبريالية الأمريكية. واسقاطا تصفويا للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية الأولى للعالم العربي.
اما فلسطينيا فمكامن خطورة ما وصف بصفقة القرن تتجلى بمصادرة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المملوك له وحده، و تصفية حق العودة، عودة كافة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا وشردوا منها أثر نكبة 1948 ، المكفول دوليا بالقرار الأممي 194 ، ضاربة الحائط بكافة القرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ، ناهبة لحق شعب كامل بثقرير مصيره……يبلغ تعداده حوالي 13 مليون نسمة بغالبية من اللاجئين ، موزعين بين 60 مخيم لجوء داخل الأراضي الفلسطينية ومحيطها من دول الطوق وحول العالم بدول الشتات، معرضيين لتغيير الحقائق المرتبطة بأعدادهم لإخراجهم من دائرة تعريف الأمم المنحدة للاجئ الفلسطيني بعد إضعاف وكالة غوث اللاجئين الدولية …. تتجلى أيضا خطورتها بإعلان القدس عاصمة أبدية للكيان ما يعني تهويد المدينة والمزيد من مصادرة الأراضيي والبيوت العربية فيها دفعا لهجرة قسرية لأهلنا منها تبعا لما يسمى يهودية الدولة…بينما الأرض الفلسطينية ترزح تحت الاحتلال مند نكبة 48 مرورا بنكسة 67 الى يومنا و ربما لأبد الأبدين حسب ما تقدمه خطة ترامب- نتنياهو كصفعة للجميع بخلفية أثنية.
إن المرأة الفلسطينية التي لازالت تتموقع بدورها النضالي الوطني والتحرري، والتي تناضل من أجل الحرية والمساواة والعدالة وفق كافة معايير حقوق الإنسان ، تعي تماما خطورة ما وصف بصفقة القرن على المشروع الوطني الفلسطيني وثوابته الوطنية ، وترفضها رفضا قاطعا . رافعة راية النضال لإسقاطها مع كافة أبناء شعبها ، موحدة جهودها بكافة مؤسساتها وأطرها ومراكزها للتصدي الشعبي والوطني للصفقة. ولمقاومة واسقاط كافة المشاريع الصهيونية المدعومة من الإدارة الأمريكية بهدف القضاء على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني و أولها حق العودة وحق تقرير المصير. مشاركة في كافة الفعاليات النضالية الجماهيرية لصد العدوان ومخطط التصفية ، متعهدة بمواصلة مسيرة الشهيدات والشهداء كافة حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
كما تدعو كمتطلب مرحلي، لاصطفاف نسوي فلسطيني وطني، قائم على الإنهاء الفوري للإنقسام الفلسطيني، وضرورة بناء الوحدة الوطنية عبر اتفاق القاهرة 2017 ، وضرورة تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية المتعلقة بإنهاء العلاقة مع الاحتلال وإنهاء الالتزامات الأمنية والإقتصادية ،عبر سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، ووقف العمل الفوري باتفاق باريس الاقتصادي وملاحقه .
مؤكدة على ضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، للقيام بدورها الأساسي يالتحرر الوطني وبتعزيز البناء الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان على أساس وثيقة الإستقلال لتعزيز صمود كافة فئات الشعب الفلسطيني .
نظرا لقوة انتشارواتساع التنظيمات النسوية عامة، وعملها من خلال شبكة ضخمة من المؤسسات والمراكز والجمعيات ، وامتداد تأثير المرأة العربية داخل القوى الشعبية والأدوات السياسية في بلدانها ارتباطا بما أنجزته من حقوق على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية . ونظرا لدقة المرحلة التصفوية للقضية الفلسطينية ، وما تطرحه الخطة فلسطينيا وعربيا بالتوازي مع الأزمات العاصفة في عالمنا العربي فإنه يستدعي من كافة نساء أمتنا وأطرها النسوية إعلان موقفها الرافض للصفقة، والانخراط التام مع جميع الأطر والمنظمات والاتحادات الشعبية الجماهيرية والنقابية للتصدي لها شعبيا بمشاركة كافة شرائح المجتمع وكفاءاته الأدبية ،الصحافية ، الحقوقية ..إلخ . وكل الأحرار، مفعلين جبهة شعبية جماهيرية عريضة لإسقاط الصفقة عربيا ودوليا . وللضغط باتجاه إعادة النظر بكافة اتفاقيات السلام الموقعة مع الكيان وإيصال صوت شعبي عربي موحد لمن يتساوق معها من الأنظمة السياسية، و الرأي العام العالمي وأحرار العالم بالرفض القاطع .
كما يقع على عاتق حرائر الأمة ما يقع على أحرارها :
1/ استشعار ونشر وفضح خطورة الخطة ومفاعيلها العربية والفلسطينية .
2/ إعادة القضية الفلسطينية لموقعها الطبيعي بصفتها القضية العربية المركزية الأولى وإستعادة الخطاب القومي العربي . و وضع قضية اللاجئين الفلسطينين وحق العودة أولوية أجندات عملها الخاصة بالقضية الفلسطينية .
3/ مناهضة كافة أشكال و وسائل التطبيع مع الكيان الهادفة بالأساس لإخراجه من عزلته العربية والدولية.
4/ فضح ممارسات الاحتلال الوحشية بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب، خصوصا الأسيرات والأسرى الأطفال وتحميله كافة المسؤولية القانونية كدولة احتلال حسب القوانين الدولية واتفاقيات جنيف وقرار 1325 الخاص بحماية النساء والأطفال خلال النزاعات المسلحة واستعمال الصورة كوثيقة وقرينة لمخاطبة الرأي العام العالمي بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية .
5/ إعلان التمسك بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية ….وإبرازعروبتها .. و أهميتها التاريخية والدينية والإنسانية لأجيالنا العربية الجديدة والعالم أجمع .
6/ تعزيز صمود المقدسيين بمواجهة خطر تهويد القدس ومصادرة أراضيهم ومنازلهم و فضح السياسات والقوانين العنصرية للكيان ، منها…القومية اليهودية ..يهودية الدولة . .
7/ تعزيز صمود الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة . 8/ إبراز الهوية الفلسطينية والموروث الشعبي والتراث المادي والمعنوي الفلسطيني ومظاهر التمسك بالعادات والتقاليد الفلسطينية بالرغم من التشتت واللجوء