لن تسكتوا البنادق
وائل الزريعي
شكل العمل السينمائي احد الادوات الإعلامية الهامة للثورة الفلسطينية، فنتذكر من الاعمال السينمائية المميزة التي انتجتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في فترة السبعينيات فيلم لن تسكت البنادق، و هو فيلم قصير ، في حدود 25دقيقة. انتج هذا الفيلم ليؤرخ لرفض الجبهة لمؤتمر جنيف ، و الذي كان يستهدف الوصول لتسوية، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، و فتح ثغرة في جدار الرفض الرسمي و الشعبي للكيان الصهيوني، والتمهيد للقبول بوجود “اسرائيل”. خلال الفيلم يجول بنا المخرج في ثلاث محطات اساسية ، المحطة الاولى وهي خطاب الحكيم جورج حبش ، الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، و المحطة الثانية في ازقة المخيمات الفلسطينية ، حيث يجرى حوار مع العائلات الفلسطينية ، و في المحطة الاخيرة ينهي الفيلم بمشاهد للعمل الفدائي.
في الجزء الاول من الفيلم نشاهد حكيم الثورة يلقى خطابه في الجماهير، و يدعوها للاستفاقة و الاستعداد للقادم و لمواجهة المشروع الصهيوني، الذي انفتحت شهيته لمزيد من الارض و الدماء العربية. حيث جال بنا المخرج، عبر محاور اساسية، في كلمات الحكيم، و هي انه لا بديل عن حرب التحرير الشعبية لإسقاط هذا المشروع، وان مراهنتنا يجب ان تكون على الجماهير العربية للتصدى لما هو قادم. هل كان الحكيم يستشرف ما نعيشه الان، من حالة ارتماء في احضان الكيان الصهيوني، ارتماء شكل مسار اوسلو طريقا و مبررا له من قبل الانظمة الرجعية العربية.و عنما تنتقل بنا الكاميرا في ازقة المخيمات، لتجرى استفتاء شعبي حول ما يحاك ضد القضية الفلسطينية ، و على الرغم من حالة التآمر الموجودة ، لابد و ان تستوقفنا المعنويات المرتفعة للشعب الفلسطيني و هو ما نلمسه، من حديث المراة الفلسطينية و الطفل الفلسطيني و الشيخ و الشاب، في ازقة المخيمات، فرغم الالم و الجراح ، هناك حالة من الوعي و الرفض لما يحاك من مؤمرات، هذه الحالة الواعية، كانت حائط صد، في مواجهة المشروع، لكن علينا ان نعترف بتراجع هذا الوعي، لأسباب عديدة، منها ما روجه خطاب اوسلو لسلام الشجعان، و التعايش مع العدو، وصولا لطرح الدولة الواحدة. ينتهي الفيلم بمشاهد العمل الفدائي الفلسطيني، و الذي يشكل صمام الامان للقضية الفلسطينية، و الذي يقطع الطريق، على عواء ذئاب التطبيع، فارتفاع منسوب النضال الفلسطيني، كان دوما الصخرة التي تتكسر عليها المؤامرات و تغلق بسببها مكاتب التنسيق الرسمية، مع العدو الصهيوني، في عواصم الرجعية العربية. الاكيد انه منذ صدور هذا الفيلم الى الان هناك الكثير من التغيرات و المتغيرات السياسية، لكن تبقى البندقية الفلسطينية هي الثابت الوحيد، للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، لم يكتمل هذا النص، حتى كان الشهيد محمود كميل، قد امتشق بندقيته و توجه لباب حطة، ليكتب بدمائه لن تسكتوا البنادق.