المقاومة السائلة في مواجهة الشر السائل
وائل الزريعي
يتحدث الفيلسوف زيجمونت بومان في مجموعة من كتبه، عن مصطلح فلسفي جديد، وهو السيولة، من الثقافة السائلة الي الوقت السائل وانتهاءآ بالشر السائل، المصطلح المذكور، في كتابه الأخير يطرح مفهوم جديد للشر، هو الشر السائل ، أي الشر الذي يستطيع التقولب و يأخذ شكل الأناء او الاطار الذي يوضع فيه، مقارنة بالشر الصلب ، المحدود التأثير. هذا الشر السائل الذي ينساب حولنا، هو من افرازات صعود الإمبراطورية الامريكية، وهيمنة النموذج الرأسمالي، خصوصا مع انهيار الاتحاد السوفيتي. انه الشر السائل الذي يدخل الي العقول و القلوب ليحتلها، قبل ان يحتل الأرض، ويصيب الانسان بالشلل، فيفقده انسانيته، و قدرته، على المقاومة، لأنه ليس في الإمكان، ابدع مما كان. فيترك الانسان كالزومبي، ضائع بين عالمي الأحياء والأموات.هذا الشر يدعو الجميع الى الانسحاب والانكفاء على ذواتهم الانانية، لأنه لا بديل عن الهيمنة الامريكية، ويجب على الجميع الانصياع للعم سام والكيان الصهيوني. في مقابل هذا الشر السائل، يخرج الشعب الفلسطيني، ليضيف الى فلسفة السيولة، مفهوم جديد، وهو المقاومة السائلة، وهي المقاومة التي تتأقلم، مع جميع التحديات وتؤكد للجميع، ان هناك دوما بديل. فمن انتفاضة الحجارة، الى انتفاضة السكاكين، الى مسيرة العودة الكبرى. يقول الشعب الفلسطيني للجميع، انه لا مكان للشر الصلب او السائل على ارضه، في وجه الإرادة الانسانية للبقاء والتحرر، انها إرادة المقاومة السائلة، والتي ينتصر فيها الدم على السيف.