الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين شكل من أشكال مواجهة صفقة القرن
الأستاذة: سناء ثابت
عضو الهيئة الإداريّة لاتّحاد الحقوقيين الفلسطينيين- فرع تونس
إن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي من أهم القضايا والأكثر حساسية والأكثر خطورة على المشاريع الاستعمارية وخاصة المشروع الصهيو أمريكي ، لذلك لم تتوقف محاولات طمس وإعدام هذه القضية، حيث يحاول المشروع الصهيو أمريكي دائما وفي كل مرة خلق مشاكل وقضايا ليجعل من قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية غير محورية سواء على المستوي العربي بخلق أزمات في الدول العربية أو على المستوي الفلسطيني بأن أصبح الحال الآن على المستوى الفلسطيني الانشغال والاهتمام بقضايا أخرى فرضتها حقيقة واقع الحال كالاهتمام بتقرير المصير والكفاح المسلح والحكم الذاتي وإزالة المستوطنات، والحقيقة أن هذا الأمر ليس بجديد، لأن أولى مراحل طمس قضية اللاجئين الفلسطينيين بدأت ملامحها منذ عام 1948م، عندما تم إنشاء منظمة( الأنروا) بموجب القرار 302 لرعاية اللاجئين الفلسطينيين وحصرت نطاق عملها في تواجد الفلسطينيين في فلسطين ، الأردن ، سوريا ، لبنان كما حصرت نطاق خدماتها على نطاق الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية، دون أن يكون هناك مجال لتوفير أي حقوق قانونية ، وحرمان اللاجئين الفلسطينيين من التمتع بالحماية بموجب اتفاقية جنيف عام 1951م، والتي انبثقت عنها المفوضية السامية لحقوق اللاجئين، حيث استثنت في المادة الأولى منها في الفقرة الرابعة ” اللاجئين الذين يتلقون خدمات من الانروا”، ولقد تم تفسير هذا النص على نحو يعني حرمان اللاجئين الفلسطينيين من التمتع من مميزات هذه الاتفاقية على الرغم أن هناك البعض من يستفيد من خدمات المفوضية السامية لحقوق اللاجئين، وفى عام 1998م، أصدرت الأمم المتحدة المبادئ التوجيهية للمشردين داخلياً وهي نصوص توضح حقوق هؤلاء النازحين ومسوؤليات الدول تجاههم وتنص على ضرورة إنهاء حالة النزوح وإيجاد الحل، وهى أكثر النصوص قوة وحماية وقد تم أيضا حرمان اللاجئين الفلسطينيين منها.
لذلك ليس غريبا أن يكون أهم أهداف صفقة القرن هو المساس بقضية اللاجئين الفلسطينيين في محاولات جديدة لقتل هذه القضية من خلال استهداف وتصفية المؤسسة التي ترعى اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين ” الأنروا”، وبأن يصرح مستشار الرئيس الأمريكي ترامب بشكل صريح في 11 يناير 2018 بالقول : من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل عمل الأنروا ، لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على استقرار الأمور كما هى أحياناً يكون عليك المخاطرة باستراتيجية لكسر الأشياء للوصول إلى هناك”، وهو ما حدث فعلياً بوقف الدعم الأمريكي للأنروا.
لذلك، إن قضية اللاجئين الفلسطينيين تحتاج إلى أن يتم الاهتمام بها وإعادتها بقوة إلى رأس قائمة القضايا، فلاشك أن النصوص القانونية الدولية موجودة وصريحة وتؤكد على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض بموجب قرار 194 لعام 1948، كما أن التنظيم القانوني الدولي الخاص باللاجئين يتضمن الكثير من النصوص الكفيلة بحماية اللاجئين الفلسطينيين، ولكن تبقي مشكلتنا هي القوة والإرادة في تحقيق الاستفادة من هذه النصوص القانونية الدولية، والحقيقة للأسف أنه لا توجد إرادة سواء دولية أو عربية لتمكين اللاجئين الفلسطينيين من الاستفادة منها، وواجبنا كقانونيين في ميدان مقاومتنا القانونية بأن نكثف جهودنا في مخاطبة المجتمع الدولي -الذي أقر هذه الاتفاقيات الدولية- مخاطبة قانونية واضحة مثلما يستوعبها هو، لإمكان سحب كافة النصوص القانونية التي تحمي اللاجئين وتطبقيها على اللاجئ الفلسطيني، كما نحتاج إلى تكثيف الجهود لتطبيق وتحقيق القرار الأممى الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم.