فلسطين المحتلة وانتفاضة تؤسس لمعادلات جديدة
بقلم | ربى يوسف شاهين…اعلامية سورية
شهدت الساحة الفلسطينية على مدى ما يقارب القرن أحداث دامية، تتصاعد أحداثها وتتباطأ، لكنها تبقى قائمة على عنوان واحد، محتل غاصب ومعتدي مع صاحب حق مقاوم، وما بين الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة ) 1987، والتي أذاقت العدو الصهيوني معنى المقاومة، وحتى الانتفاضة الثانية، التي اندلعت شرارتها عقب اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000 باحات المسجد الأقصى، تحت حماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة الصهيونية، وبموافقة من رئيس الوزراء في حينه إيهود باراك، وقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال، وما تخللته هذه الأحداث من قتل وتدمير لمنازل الفلسطينيين، ولا ننسى الشهيد الطفل (محمد الدرة)، الذي قتلته أيادي الكيان الصهيوني، في مشهد لا يفارق الأذهان، إذ يُعتبر الطفل الفلسطيني (محمد الدرة) رمزا للانتفاضة الثانية.
تتسارع العمليات الإرهابية التي تنتهجها الحركة الصهيونية، عبر قرارات لتنفيذ ما خططت له على مدى قرن، وذلك منذ أن وطأت يد الاستعمار البريطاني أرض فلسطين، وما يحدث في حي الشيخ الجراح، يعود إلى مستندات خاصة بمخططات الفصل العنصري منذ حرب 1967، بعد أن حصل أهالي الحي على وثائقهم بالملكية، والأهم أن نظام “الابرتهايد” الإسرائيلي، يستكمل مخطط الاستيطان بحق 28 عائلة فلسطينية في حملة تطهير عرقي، مخالفة بذلك القانون الدولي لاحتلالها تارة بذريعة ما أسماه “قوانين مدنية”، وتارة ما يتم الاستيلاء عليه بالقوة العسكرية.
إن نظام الفصل العنصري الذي تنتهجه إسرائيل منذ النكبة الفلسطينية بمشاركة الولايات المتحدة، والتي كان أخرها اعتراف ترامب بالقدس الشرقية عاصمة للكيان الصهيوني، وما تلاه من عمليات قضم للضفة الغربية، كل ذلك يُشكل تهديداً كبيراً للشعب الفلسطيني بأكمله بما تبقى له من أرضه، والتي تقع تحت اسم السلطة الفلسطينية.
هبة القدس في يوم القدس العالمي لإنقاذ حرمة المسجد الأقصى من دنس المستوطنين، يجب أن تكون نقطة تحول مفصلية لردع إسرائيل عن انتهاكاتها واعتداءاتها المتكررة، فاجتماع الفصائل وتوحدها واطلاق صواريخ المقاومة في وجه العدو، مع هذا البركان العظيم من الشبان والشابات الفلسطينيات المقاومين، كل ذلك سيفشل مخططات نتنياهو وفريقه التلمودي للسيطرة على أهم معالم فلسطين الدينية، وفي الطرف الأخر سيجعل من المطبعين العرب مع الكيان الغاصب يعلمون جيداً أن الشعب الفلسطيني بشبابه ورجاله ونسائه وأطفال، سيُعيدون حقهم المسلوب بأيديهم، وأود أن أُذكر من خانوا فلسطين بما قالته رئيسة وزراء الاحتلال عن الموقف العربي إبان حرق المسجد الأقصى في عام 1969، قائلة :”عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة وأعتقدت أن إسرائيل ستُسحق لكن عندما حل الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق”
في المحصلة معادلة الردع التي أسست لها المقاومة مع الشعب الفلسطيني، في هذا التلاحم الشعبي الكبير لجميع فئات الشعب المقاوم، سيُجبر الكيان الصهيوني، وحتى داعمه الأمريكي، على الإذعان لجماعاته بتغيير خطط الاشتباك الممنهجة، بعد أن استطاعت صواريخ المقاومة حرف مسار المخطط للمنظمات الصهيونية، على كافة أشكالها العسكرية والعقائدية، بدءاً من فكرة اقتحام المستوطنيين للحرم القدسي، وانتهاءاً بمحاولة الاستيلاء على حي الشيخ جراح، أو إمكانية التهديد العسكري لقطاع غزة، وما تتضمنه جزئيات عملية الابرتهايد لكافة المناطق المراد الاستيلاء عليها للتمكين لهم من القدس الشرقية كعاصمة للكيان الصهيوني.
فحقاً استطاع الشعب الفلسطيني تغيير قوة الردع المتبعة خلال السنوات الماضية، بتحقيق تغيير أربك المحتل، وجعلهُ يُفكر بمدى قدرة صواريخ المقاومة، من تحقيق حالة من الرعب للداخل الإسرائيلي، فهل يُعلن استسلام؟، أم يمضي إلى حتفه مع وابل من الصواريخ؟.