عيد الأضحى وتضحيات الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني
بقلم محمد بدران -أبو أسامة
ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني فجر يوم الأحد بتاريخ 18/06/2023 عدوانا آثما على مدينة جنين ومخيمها مستخدمة آلياتها العسكرية ومروحياتها الحربية التي تصدى لها أبطال المقاومة بصمود وتضحيات اسطورية على مدى عشر ساعات مما أدى إلى استشهاد خمسة مقاومين وطفل وجرح 91 مواطنا ومقاتلا، فيما دمّر للعدو بعبوات ناسفة 8 آليات مصفحة واصابة 7 جنود من خلال الكمائن المركزة لهذه القوات المتقدمة التي أربكته والتي لم يشهدها العدو من قبل في عدوانه المتكرر على مدن وقرى الضفة الغربية، وقد إنسحب العدو مع آلياته المعطوبة وخسائره البشرية من هذه المواجهات الضارية.
لقد جاءت هذه المعركة في ظل عيد الأضحى المبارك الذي يحتفل بقدومه العالم الإسلامي فيما في فلسطين تختفي بهجة الفرح بقدومه، إذ لم يمر يوما دون مواجهات مع قوات الاحتلال التي تداهم القرى والمدن والمخيمات وسقوط الشهداء والجرحى وهدم البيوت واعتقال المواطنين وقلع الأشجار وحرق المزروعات وتوسيع الاستيطان تمهيدا لتهويد الضفة الغربية وضمنها بأكملها لكيانه. وهذا يجري للأسف تحت بصر وسمع وعجز المجتمع الدولي والعربي عن اتخاذ أي إجراءات رادعة الممارسات هذا العدو الاجرامية وإلزامه بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني ووقف اجراءاته الأحادية، إن هذا العيد يمر على الشعب الفلسطيني وفي كل بيت ألم وحزن على شهيد أو جريح أو معتقل أو عائلة هدم بيتها وأرض استبيحت من أصحابها، وتغيب البهجة والسرور عن وجوه الأطفال وامهات الشهداء والجرحى والمعتقلين الذي يبلغ تعدادهم نحو 5 آلاف معتقل في سجون العدو منهم 180 طفلا و38 سيدة ويعم السواد معظم بيوت الشعب الفلسطيني وتقام سرادق العزاء في الميادين والساحات والبيوت، ويتوافد المؤمنون لتأدية الصلاة بحرية في جوامع الدنيا، فيما تعتدي قوات الاحتلال على المصلين وتعيق قدومهم وتحدد الأعمار لمن يصلي في المسجد الأقصى، كما ترفع في هذا العيد المبارك أصوات المنشدين والمهللين بقدوم العيد الكبير ويعم الفرح والابتهاج كل بيت من بيوت المسلمين ويتعانق الاهل والاقارب في زياراتهم المتبادلة، إلا اللهم في فلسطين الجريحة حيث لم يتمكن أفراد المجتمع والاهل من تلك الزيارات والانتقال بحرية من الضفة لقطاع غزة ومن غزة للضفة، أو من قرية ومخيم محاصر بقوات الاحتلال إلى قرية ومخيم آخر. في هذا اليوم يتعمق جرح وحزن أبناء فلسطين من المواقف الخجولة للأنظمة الدولية ومن تلك الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني والتي لا يرتقي موقفها القومي وينسجم مع استحقاق ودماء وتضحية الشعب الفلسطيني الذي يقاتل في الخندق الامامي دفاعا عن مؤسساتهم وأمنهم الوطني، إذ لم يعد يكفي عبارات الشجب والادانة ولابد من اتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة لإعادة الحق إلى نصابه، لأن الحركة الصهيونية قد جبلت بالجريمة والإرهاب وتعتبر كيانها غير معني بالسلام العادل وحقوق الانسان، وقد سن قوانين القتل والاجرام والاستيطان، إذا لم يعد مقبولا أن تبقى الأنظمة العربية مكبلة بالاتفاقيات الدولية والمصالح الغير متكافئة وشعب فلسطين يعاني من الاحتلال والظلم والتشريد، مع أن هذا الشعب أصلب من أن يباد ويقتلع من أرضه، وقد وصف أحد ضباط الجيش الإسرائيلي أن معركة جنين (متساد فلسطينية) وأن روح هذا الشعب قد عشق الأرض وسيبقى على العهد والقسم ليبدد ظلمات ليل الاحتلال وسيبقى في ساحة الصراع مع هذا العدو الذي سجله حافل بالجرائم والمجازر والإرهاب وأيديه ملطخة بدماء الامة العربية المدعوم من الإدارة الامريكية التي توفر له الغطاء والحماية السياسية والعسكرية في كل الميادين، ومنحه الضوء الأخضر لتحويل فلسطين إلى ساحة حرب لتمعن قواته بهدم البيوت وقتل الأطفال والنساء والشيوخ واعتقال المواطنين وتدمير الطرقات وعدم الانصياع لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لإحلال سلام عادل وشامل في المنطقة لأنه لا يعير للسلام أية أهمية، بل يسير في طريق مليء بالدماء والدمار والإرهاب وتحويل فلسطين إلى مستودع لأسلحة الدمار الشامل، إذ تؤكد معظم المصادر أن هذا الكيان الصهيوني يمتلك أكثر من 400 راس نووي عدا عن الأسلحة الحديثة الفتاكة حيث أصبحت هذه الأسلحة تشكل خطرا يهدد المنطقة العربية برمتها بل والعالم بأسره، وفوق ذلك تقوم أمريكيا بدعم هذا الكيان ومده بكل التقنيات العسكرية الحديثة، وتغض الطرف عن أسلحة هذا الكيان النووية وعن جرائمه اليومية في فلسطين، وصولا إلى طرد الشعب الفلسطيني من أرضه بحجة الحرب على الإرهاب . إن مأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته لم يشهد التاريخ الاستعماري ولا العهد النازي والفاشي مثيلا له، ورغم ذلك إن هذا الشعب الفلسطيني يسجل اليوم اسطورة ملحمة الصمود والتضحية والفداء ويتسامى فوق جروحه ومأساته ومعاناته ويصر على العطاء، ويحمل أبناؤه أرواحهم على أكفهم ويزداد شموخهم وتألقهم في كل معركة وانتفاضة وثورة من أجل تحرير وطنهم من الاحتلال وبناء دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم. إن هذا الشعب لن يتراجع عن نضاله وأهدافه وثوابته الوطنية رغم حصاره وتجويعه والضغوط التي تمارس عليه ويرفض أي حلول لا تلبي مطالبه الوطنية، ويرفض اقتلاعه من أرضه ولم يجد أمامه من خيار سوى المضي في مقاومته لنيل حقوقه الوطنية المشروعة، وسيبني تمثال الحرية والاستقلال على مشارف هذا السهل التاريخي سهل مرج بن عامر الذي يحتضن مدينة جنين بوابة النصر والتحرير والعبور إلى حيفا ويافا وكل مدن فلسطين وقراها وروابيها، وانهاء الاحتلال مهما طال الزمن.