المركز

في ذكرى وعد بلفور، مركز دراسات ارض فلسطين يشارك في الندوة المنظمة من الاتحاد الجهوي للشغل بمدينة صفاقس

شارك مركز دراسات ارض فلسطين، في الندوة المنظمة من طرف الاتحاد التونسي للشغل، في ذكرى وعد بلفور، حيث قدم الدكتورعابد الزريعي مدير مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء مداخلة بعنوان ” المقاومة الفلسطينية المتجددة في الضفة الغربية ــ تحديات وفرص” انضوت على ثلاثة محاور تتلخص فيما يلي:

المحور الأول: القانون التفسيري للتجدد النضالي:

يمثل قانون التحدي الاستعماري والاستجابة النضالية للشعوب، القاعدة التفسيرية لاستمرار مقاومة الشعب الفلسطيني، لما يتجاوز العشرة عقود، أي منذ صدور وعد بلفور وحتى اللحظة الراهنة. ففي هذا القانون نجد تفسيرا لثورة 36 ــ 1939، وللانتفاضة الاولى والثانية. كما نجد تفسيرا للعمل المقاوم النضالي المتجدد في الضفة الان. حيث تبدى التحدي من ناحية في التغول الصهيوني، المتمثل في تصاعد عمليات التهويد والاستيطان وهدم المنازل والاعتقالات وكل اشكال القهر. ومن ناحية ثانية في افلاس السلطة الفلسطينية سياسيا، وتراجع امكانياتها، واستنادها في الامساك بالوضع الداخلي الى القبضة الأمنية، الى جانب التسبيق الامني مع العدو الصهيوني. اما العامل المفجر فقد تمثل في معركة سيف القدس سيف القدس مايو/أيار 2021. بما تركته من تأثيرات عميقة في الواقع الفلسطيني. بينما تمثلت الاستجابة على التحديات المشار اليها في زيادة الشرائح الاجتماعية المنخرطة في مواجهة الاحتلال. بداية كردات فعل محلية وعفوية، ثم ظهرت الاشكال التي توفر الهياكل السياسية والقيادية والتنظيمية القادرة على حمايتها وضمان استمراريتها ممثلة في بؤر المقاومة مثل كتيبة جنين ولواء الشهداء في جنين وكتيبة مخيم بلاطة وعرين الاسود في نابلس.

المحور الثاني: السمات الرئيسة للاستجابة:

تميزت الاستجابة النضالية على التحديات المطروحة في بمجموعة من السمات يمكن تلخيصها فيما يلي:

1 ــ البيئة الامنية والسياسية: تتميز البيئة التي ولدت المقاومة في ظلها بالخطورة الامنية في ظل تغول الاحتلال واشتداد وقبضته الامنية والعسكرية، حيث بات يحشد نحو 25 كتيبة من القوات البرية، ونحو 5 الاف من الوحدات الخاصة، ثمانية آلاف من الشرطة. وسياسة التنسيق الامني. كما ولدت في ظل تعقيد سياسي تمثل في حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الفلسطينية.

2 ــ البنية التنظيمية: وتمثلت في مستويين الاول مستوى عفوي مفتوح، انخرطت من خلاله اجيال جديدة في النضال، اغلبهم غير مدرج على قوائم المتابعة، الأمر الذي خفف الى حد كبير من وطأة البيئة الامنية الأمنية. والثاني منظم الى حد ما ويتمثل في بؤر المقاومة التي بدأت في الظهور بعد عام 2021 وتحديدا بعد معركة سيف القدس، ومنها غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، ولواء الشهداء، وكتائب شهداء الأقصى، وكتائب القسام. وكتيبة جنين في مدينة جنين. ثم كتيبة “مخيم بلاطة” وعرين الاسود في نابلس. (جنن ونابلس) وتتسم بكونها تضم مقاومين من مختلف الفصائل الفلسطينية، وهو ما مكنها من تحييد اشكالية الانقسام.

3 ــ الموقف والرؤية: اتخذت المقاومة المتجددة من الشهداء قدوة ونبراسا، سواء على مستوى البنية العفوية او المنظمة التي تجعل من الشيخ ياسين وابو عمار والشقاقي وابو علي مصطفى بوصفهم شهداء رموز قدوة لها. وقد تبدى الاقتداء بالشهداء في طريقة مشاركة الشباب في جنازات الشهداء والتشبه بهم. واتباع وصاياهم. كما حددت عدوها في الاحتلال واكدت على ان الرصاص موجه للاحتلال والعملاء الذين يدعمونه فقط.

4 ــ الممارسة النضالية: قامت المقاومة ببنيتيها العفوية والمنظمة بعديد العمليات النضالية. وقد اتسمت تلك العمليات اولا بالكثافة حيث قامت منذ بداية العام الجاري 2022، بحوالي 10 آلاف عمل مقاوم. بينها 639 عملية إطلاق نار، و33 عملية طعن أو محاولة طعن، و13 عملية دهس. أو محاولة دهس. وأدت لمقتل 25 مستوطناً وجندياً إسرائيلياً وإصابة نحو 420، وقد تم تنفيذ بعض هذه العمليات في عمق الكيان الصهيوني. كما تميزت ثانيا ببساطة الادوات وتنوع الاشكال النضالية من إطلاق نار، طعن، دعس. وثالثا باتساع القاعدة الجماهيرية المشاركة كنتيجة للبساطة والتنوع. كذلك اهتمت بؤر المقاومة بالحاضنة الشعبية الامر الذي تجلى في الجماهير لإقامة فعاليات شعبية، واستجابة الناس لذلك، ومن ناحية اخرى قامت مجموعة عرين الاسود بإدانة أي استغلال للتجار.

المحور الثالث: حدود الغطرسة

يحاول الكيان الصهيوني اعتمادا على ادوات القوة بشكل اساسي كسر ارادة المقاومة، معتمدا في هذه المحاولة على مجموعة من الترتيبات التحضيرية المتمثلة في الحشد المادي والسياسي، والتنفيذية العملياتية المتمثلة في الخطوات العملية المباشرة تجاه المقاومة.

اولا: الترتيبات التحضيرية:

1 ــ التعزيز الأمني الذاتي والتنسيقي: تعزيز عملية كاسر الامواج التي أقرت في /فبراير 2022. وهي عبارة سلسلة عمليات عسكرية، تهدف الى استنزاف قدرات المقاومة، دون القيام بعملية عسكرية إسرائيلية واسعة. وتعزيز أنظمة المراقبة والتجسس الإلكتروني التي تقوم بها وحدات متخصصة في الجيش والشرطة الإسرائيلية، ومنها الوحدة 8200، وكتيبة جمع المعلومات القتالية العاملة بشكل دائم في الضفة. والعمل على اختراق المقاومين استخباريا بالاعتماد على العملاء. ومن ناحية ثانية تعزيز التنسيق الأمني: وذلك من اجل تبادل المعلومات الاستخباراتية، أو العمليات المشتركة لتفكيك البنية التحتية للمقاومة. وتلعب امريكيا دورا كبيرا في ي رفع مستوى التنسيق الأمني، وتحسين الوضع الاقتصادي الذي سيضمن تحسين الوضع الأمني بالضفة.

2 ــ تفعيل العلاقات: حيث تشير تقارير عديدة الى انشاء غرفة عمليات مشتركة، تضم أجهزة من اسرائيل والسلطة. وضعت خطة، لتبادل المعلومات، ومراقبة خطوط التهريب إلى الضفة. كما تقوم بالتنسيق مع بعض الإقليمية الاطراف الأطراف لممارسة نفوذها على الفصائل الفلسطينية. وفي هذا الصدد يبرز دور مصر والاردن وتركيا.

3 ــ تشويه المقاومة: الشيطنة: القيام النشاطات الإعلامية المنسقة لأدوات إسرائيلية وعربية تعمل على مهاجمة حالة المقاومة المتصاعدة والتشكيك بجدواها وتسخيفها ومهاجمة رموزها. بالاعتماد على كتاب معروفين ووسائل إعلام وذباب الكتروني. وفرض الحصار الاعلامي إن تطبيق “تيك توك” أغلق الصفحة الرسمية للمجموعة بعد ضغوط إسرائيلية.

ثانيا: الخطوات العملياتية: وتتمثل فيما يلي:

1 ــ الاغتيال والاعتقال: بهدف منع تلك البؤر من الاستقطاب والاستمرار والنمو، وتشكيل مراكز قيادية. ومن اجل هذا الهدف سعى الاحتلال وأعوانه على القضاء على كل بداية أو احتمالية نشوء قائد أو مجموعة قيادية ميدانية. وعلى الرغم من تحسب العدو من ازدياد عمليات الاغتيال، لأنها يمكن ان تقود الى تعاظم قوة المجموعات وتحويل قادتها الشهداء الى رموز استقطاب لدى الشباب الفلسطيني. اضافة لخشيته من ردود فعل دولية، الا انه لن يتورع عن الاقدام عليها ارتباطا بمصلحته.

2 ــ الحصار: تشديد الحصار على المناطق التي تتمركز فيها البؤر المسلحة، بهدف استنزافها وتحويلها الى بيئة معادية للمقاومة. وقد اتخذ الحصار شكل التطويق الشامل الذي يعزل منطقة من المناطق ويشل حركة التنقل منها واليها، والحصار الاقتصادي الجزئي الذي يستهدف اقارب المطلوبين بمنعم من العمل وراء الخط الأخضر.

3 ــ الاجتياح: الذهاب إلى عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في شمال الضفة الغربية، بهدف اقتلاع بؤر المقاومة بشكل حاسم ونهائي.

إن الوجه الاخر لمختلف الاجراءات العملية التي يعتمدها العدو بهدف القضاء على المقاومة، لها وجه اخر يتمثل اشتعال مواجهات واسعة تشمل الضفة الغربية كلها، وتستقطب مقاتلين جدد لصالح المقاومة، لذلك فانه يرسم حسابته وهو يدرك ان هناك حدودا لغطرسته، ان كل خطوة يقدم عليها يمكن تحويلها الى فرصة لصالح المقاومة. لكن يذلك يستدعي العمل من اجل بلورة قيادة ميدانية وقادرة على مواجهة التحديات وانتزاع الفرص. بما يعنيه ذلك من ضرورة الانتقال من التشكيلات العلنية الى البناء السري. وبناء تشكيلات تتناسب مع الصراع الطويل الذي يخوضه الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق