فلسطين منذ عصور ما قبل التاريخ حتى عام 1917

قراءة وتلخيص الاستاذة خميسة العبيدي

أولا: الاسم والموقع الجغرافي:
الاسم: أول تسمية لأرض فلسطين “كنعان” وهذه التسمية استمرت عبر كل الحضارات والامبراطوريات التي تتالت عليها. وما زالت كلمة أرض “كنعان” مستعملة في المسموع بمنطوق والمكتوب. كما سميت ” بلست” في العصر البرونزي القديم 1200 ق م خلال حكم فرعون مصر الثالث. كما وردت في السجلات الآشورية تحت اسم “بلستو او فلستو”.
الموقع الجغرافي: هي نقطة وصل بين الجزء الوطن العربي (الأسيوي والافريقي). وممرا عالميا بين الممرات الثلاث (اسيا افريقيا أوروبا) ومساحة ربط بين البحرين (الابيض المتوسط والاحمر) وقد ترتب على موقعها الجغرافي مجموعة نتائج تتمثل في:
1 ـــ تسهيل انتقال الانسان -الحيوان والنبات من افريقيا منبع المخلوقات البشرية الى انحاء الكرة الأرضية. وبناء الحضارات المتتالية ومن بينها الحضارة الكباريه والنطوفية، بفضل وفرة المياه والتربة الخصبة.
2 ـــ مركز استقطاب القوى العالمية المتصارعة: كانت فلسطين مجال صراع الامبراطوريات حتى تسيطر على المفاصل الاستراتيجية الدولية لأهداف تجارية –أسواق.
3 ــ مركز ربط ووصل: الاستفادة من موقعها الجغرافي حسب الأهداف المرسومة من طرف الجيران أو بقية الأمم. وكذلك تمركز المقدسات على أرضها جعل منها وجهه روحانية وسبب للسيطرة.
ثانيا: التطور الحضاري في أرض فلسطين في عصور ما قبل التاريخ:
تقاس العصور بنوع المواد التي طورها الانسان في صنع أدواته والأماكن التي يسكنها او يدفن فيها موتاه والحيوانات التي يصطادها او يدجنها كما لعب موقعها الجغرافي واعتدال مناخها المعتدل في تطور الانتاج وازدهار الحضارات على أرضها وانتقال الانسان من طور الصيد الى ثقافة نمط الانتاج وتطوره.
البنية التحتية لنمط الانتاج في فلسطين: ترتكز على عنصرين أساسين هما: انسان ارض فلسطين، وأدوات العمل المستعملة في انتاج قوته. كشفت الأثار المتبقية مساهمة الانسان في بناء الحضارة الإنسانية. ويعتبره علماء الأثار حلقة وصل بين الانسان البدائي والانسان العاقل وعاش ضفاف الأنهار.
الوجود الناتج عن الاختلاط والتفاعل: قدمت موجات بشرية من ارض الرافدين ومن جنوب بلاد العرب في العصر البرونزي الى ارض فلسطين. وعندما جات هذه الموجات واختلطت مع العموريين والكنعانيين تطور على انسان ارض فلسطين. اما في اواخر القرن 20 قبل الميلاد عاشت الى جانب سكان المدن قبائل بدوية ونصف بدوية على ضفاف نهر الاردن على العرب دكان ساحل سوريا لبنان فلسطين. واسم المعمورين على سكان المناطق البعيدة عن الساحل لذلك اعتبر بالدلائل ان جغرافيا فلسطين سببا رئيسيا في اختلاط البشر وتطوره ونمو الحضارة.
وسائل انتاج الانسان ارضي فلسطين: المنظمة لمصادر وادوات العمل: تتمثل في الطبيعة التي هي مصدر الانتاج وضع الادوات وقد مرت هذه العلاقة لمرحلتين: الاولى: الاقتصاد الاستهلاكي القائم على الصيد والالتقاط الحبوب والثمار التربة جماعات بدوية متنقلة بالقرب من مجاري المياه. المرحلة الثانية: الزراعة والانتاج والاستقرار: تمثلت في الانتقال من حياة التجول والالتقاط الى حياة الاستقرار والانتاج وذلك خلال العصر الحجري الوسيط والتجسد في العصر الحجري الحديث واتسمت المرحلة بزراعة الحبوب والاشجار والخضروات ثم تدجين بعض الحيوانات (وأدى التدجين الى الرعي والزراعة وتقسيم المهام بين الرجال والنساء والاطفال.
*كيف استجاب سكان فلسطين لمقتضيات الانتاج الزراعي: تظهر في التواجد الكثيف حول مجاري المياه. وقد تأكد ان سكان فلسطين اول من مارس الزراعة ثم انتقلت الى بقية العالم-صنع الادوات الزراعية منازل مطارق حجرية -العثور على أكثر من 4000 قطعه.
الاستجابة لمقتضيات حياه الاستقرار: من العناصر الأساسية للاستقرار السكن وتامين القوة واللباس والمواد الأولية التي تساعدهم على ذلك. هجر المغاور والكهوف وبنوا بيوتا حجرية واماكن للتخزين. واهتم بصناعة الفخار الذي ما زال يستعمل حتى الان في غزه خانيونس والخليل. واهتم كذلك بالغزل والحياكة تشكلت نموذج مميز بالطوب المجفف تعود الى عصر ما قبل الفخاري لذلك تعد أقدم مدينة العصر الحجري.
*العلاقات الاجتماعية: ظهرت الطبقات طبقة من الملاك عرفة باسم الاشراف والملوك وطبقة العبيد.
*البنية الفوقية الروحية والسياسية
المعتقدات الدينية لما اعتقد الانسان فلسطين بوجود قوة عليا تتحكم في الكون وبفكرة البعث فاكتسب مفاهيم واليات جديدة للحياة منها دفن الميت ومعه حاجياته للعيش بعد الموت.
الاعتناء بالمدافن: مقابر جماعية في شكل سراديب دلالة على نشوء الحياة الجماعية وتماسكها كما وجدت مقابر فردية تختلف عن الجماعية لأنها خصصت للأغنياء والمحاربين.
تقديس الاسلاف: يذبحون بعض الحيوانات المفضلة في كهوف الموطن او في مداخلها.
تقديم الاضاحي: عثر على مجموعة من الجماجم المفصولة عن كلها مزينة بحلي حول الجمجمة.
عبادة الطبيعة: الظواهر الكونية الشمس والقمر. تبلورت المعتقدات الدينية حول ظاهرة الخسوف والتكاثر.
الفنون: الاولى مادي ويرتبط بما صنعه الانسان فلسطين في عصورها قبل التاريخ. وغير مادية وتمثلت في الاساطير الكنعانية التي تعاكس المظاهر الطبيعية وعلاقة الانسان بها.
البناء السياسي: الانتقال التنقل الى الاستقرار ادى الى ظهور القبيلة ثم المدن محصنة ثم دول المدن الكنعانية. ثالثا : فلسطين وهيمته الامبراطوريات النهرية:
تصارعت الامبراطوريات النهرية على فلسطين. وكانت الإمبراطورية المصرية هي المهيمنة على فلسطين.
وتنازعت امبراطورية مصر مع الملك الحيثي لمدة قرن. ولما ضعفت الإمبراطورية المصرية عزا العبرانيون فلسطين وأسسوا المملكة اليهودية اسمها داود او مملكة سليمان 961 922 قبل الميلاد ثم انقسمت الى بعد موت سليمان الى يهودا في الجنوب واسرائيل في الشمال.
*فلسطين والاحتلال الاشوري
سيطرة الإمبراطورية على فلسطين 605-712 قبل الميلاد. وعند وفاة الملك سرجون الثاني تمرد سكان عسقلان واسدود فهاجمهم الملك الاشوري كما دمروا مملكة اسرائيل 721 قبل الميلاد، وحسب عدد الاشوريين أرسل سكان فلسطين الى الشرق استبدالهم جاؤوا بهم من بلاد فارس وعرفوا بعض ذلك بالسامريين واختفى شعب اسرائيل من التاريخ اما مملكة يهود او مدينة بقي لها دور روحي لا غير.
*فلسطين والاحتلال البابلي:
احتلت الإمبراطورية البابلية فلسطين 600 قبل الميلاد 539 قبل الميلاد. حاولت مصر تأجيج الصراع ضد الملك البابلي وتحريض مملكة يهود للتمرد فقام الملك نبوخذ نصر عام597 قبل الميلاد بغزو مملكة يهود نصب عليها ملكا عوضا لكنه تمرد فدمرت القدس وهجر من تبقى من اليهود الى مصر وانتهت مملكة يهود بعد انتهاء مملكة اسرائيل بعد حوالي 130 عام.
*فلسطين والاحتلال الفارسي:
على انقاذ الإمبراطورية البابلية قامت الإمبراطورية الفارسية وسيطرة على كل منطقة الشرق الاوسط فأصبحت فلسطين مقاطعة صغيرة منها. سمحت للمنفيين زمن البيليين والاشوريين بالعودة ومن ضمن العائدين كان اليهود وسمح لهم بممارسة عبادتهم الخاصة وتشييد معبد في القدس تصدى لهذه العودة من الشماليون وبعض الاوساط الفارسية ولما تفشت الافتراضية داخل الدولة الفارسية من اليهود الهيكل الثاني 515 قبل الميلاد واسسوا تنظيما عسكريا داخل حدود يهودا سابقا.
*فلسطين تحت هيمنة القوة البحرية:
1) الاحتلال الهلنستي
بعد انتصار جيوش (الاسكندر) على الجيوش الفارسية اجتاحوا الأراضي السورية وهم في طريقهم الى مصر 333 قبل الميلاد المدن الفلسطينية. بعد وفاة الاسكندر تنازع قادة جيوشه بين البطالمة وسلوقيين، وخضعت فلسطين لحكم البطالمة ثم السلوقيين. بالنسبة لليهود ظهرت نزعتهم في الاستقلالية في القيام بالثورة في اورشليم بزعامة المكابيين بحجة تدمير الهيكل من طرف الملك السلوقي واجبارهم على اعتناق الوثنية اليونانية واستمرت محاربهم لأنصار الحضارة الهلنستية حتى حصلوا على نوع من الاستقلال تحت حكم الحشمونيين من 135 قبل الميلاد 76 قبل الميلاد.
الاحتلال الروماني
احتل القائد الروماني بومباي سنه 63 قبل الميلاد فلسطين واستولى على القدس. واصبحت فلسطين مسرح للنزاع الديني بين الوثنية والمسيحية، حتى اعترف الامبراطور قسطنطين بالديانة المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية، واصبحت القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية عوضا عن روما لقد مثل قرار الاعتراف بالديانة المسيحية منعرجا تاريخيا في التغيرات في فلسطين والعالم حيث شيدت العديد من الكنائس وتدفق المسيحيين من بلاد العالم للحج. اما دولة اليهود لم تقم لها قائمة منذ الاحتلال الروماني الى العصر الراهن.
2) الاحتلال الصليبي
استولى الصليبيون على القدس 1099 ميلادي. واعتمد صليبيون في تثبيت الاحتلال على ثلاثة اساليب ارتكاب المجازر والمذابح مثل مذبحة الاقصى، والتهجير والطرد، والاستيطان. وبالنسبة لليهود وقع السماح لهم بزيارة فلسطين والعمل التجارة والطب وقد استمر هذا التميز حتى بعد الفتح صلاح الدين الايوبي للقدس.
الامبراطوريات العربية الصحراوية
• لما انكفأت الامبراطوريات الرافدية والشرقية وتفتت المد اليوناني في قلب اسيا تحولت الى دويلات نشأت ممالك وامارات عربية في شمال الجزيرة والهلال الخصيب ومنها مملكة الانباط في الاردن والنقب ومنطقه شمال غربي الجزيرة العربية الى حدود دمشق وضم الانباط فلسطين الجنوبية وشرقية.وقد دعم الانباط اليهود في حربها ضد الاشوريين، ولما شق الصراع الداخلي الدولة المكابية اليهودية استولى الانباط على مملكة يهوه و حاصروا القدس فتصدى لهم القائد الروماني واضطر ملك الانباط الى الانسحاب ثم اصبحت تحت سيادة الرومان الى ان تلاشت من الخريطة عندما قضت عليها روما بعد ذلك بقرنين.
فلسطين والدولة الإسلامية 636 ميلاد 1918 ميلاد:
أنهي المسلمون الحكم البيزنطي لفلسطين بعد حرب دامت عامين معركة اليرموك في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 636 ميلادي كما حظيت باهتمام خاص من الدولة الأموية حيث شيدت بها عدة قصور ومساجد ومن بينها مسجد الاقصى قبة الصخرة. كما مرت فلسطين من 975 ميلاد 1171 ميلاد بحكم الفاطميين ولحكم السلاجقة من 1171 -1186 ميلاد والايوبيين من 1250-1187 ميلاد. 1250 ميلاد 1516 ميلاد حكم المماليك الذين قضوا نهائيا على الصليبيين بعدما حرر صلاح الدين الايوبي القدس في معركة حطين.
1917 – 1516 سيطر العثمانيون على فلسطين وعينوا بقية المماليك حكاما للبلاد وخلال فترة حكمهم تدفق اليهود من اوروبا الشرقية الى فلسطين الى ان سلموها للاحتلال البريطاني حيث بدأت مرحلة تاريخية جديدة.