مقالات و دراسات

يوم التضامن العالمي مع فلسطين

الاستاذ محمد بدران

عندما بدأت المواجهات في فلسطين والثورات والانتفاضات والمظاهرات المطالبة بوقف الهجرة اليهودية ، الى فلسطين وانهاء الانتداب البريطاني يومها أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم 181 بتاريخ 29 /11/1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية -ويهودية – وتدويل مدينة القدس، وذلك بناءا على توصيات اللجان التي أرسلت إلــــــــى فلسطين ومنها لجنة “بل الأمريكية” – “وودهيد -الأنجلو-الأمريكية” والذي نال هذا القرار 33 صوتا وكان ضد القرار 13 صوتا، حيث تبلغ مساحة الأولى 43 % والثانية 56 % وقد بذل أيامها الرئيس الأمريكي ترومان جهدا لتأييد هذا القرار، وكان طبيعيا أن يرفض الشعب الفلسطيني هذا القرار الجائر، وقد أخذ الصهاينة يستعدون  لتنفيذ مشروعهم بدعم من حكومة الانتداب بناءا لوعد بلفور الذي صدر عام 1917 لمنح اليهود وطنا قوميا في فلسطين وفاءا لخدماتهم في الحرب العالية الأولى للحلفاء، مع أن قرار التقسيم يعتبر مخالفا لأحكام ومبادئ القانون الدولي الذي يعطي الشعوب حق تقرير مصيرها حسب رغبتها وليس من حق الأمم المتحدة التصرف في وطن وإعطاء مساحة كبيرة ومن أجود الأراضي إلى فئة صغيرة طارئة، قد ارتفعت نسبة تعدادها في فلسطين من 56 ألف عام 1917 إلى 560 ألف عام 1947 نتيجة الهجرة الصهيونية المنظمة من حكومة الانتداب وبضغط من الرئيس الأمريكي ترومان الذي كتب إلى تشرشل رئيس وزراء بريطانيا بفتح باب الهجرة لليهود بفلسطين لمائة ألف عام 1945، وقد وافق تشرشل على انشاء فيلق عسكري يهودي ضمن الجيش البريطاني بجنوده وضباطه ورايته بحجة أنه سيحارب هذا الفيلق مع بريطانيا القوات النازية في الحرب العالمية الثانية، حيث زوّد هذا الفيلق العصابات الصهيونية في فلسطين بالأسلحة والذخائر والخبرة العسكرية والأسلحة من مخازن الجيش البريطاني ومن الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من ألمانيا في جبهة العلمين، وقد نشطت عصابات الأرغون واشتيرن والهجاناة فشنت عدة هجمات على مراكز قوات الانتداب في فلسطين واغتالت عددا من القيادات العسكرية البريطانية ومراقبي الأمم المتحدة منهم الكونت “برنادوت لموقفه المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني وقامت بعمليات إرهابية في حيفاء والمدن الفلسطينية.

وعندما تفجر الوضع في فلسطين حشدت الدول العربية السبع آنذاك 15 الف مقاتل نظامي تحت قيادة الملك عبد الله وآلاف المتطوعين العرب باسم جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القوجي وذلك لمواجهة 65 ألف مقاتل صهيوني مدرب ومهيئ ومسلح بأحدث الأسلحة، وقد خاضت هذه القوات العربية مواجهات ضارية مع العصابات الصهيونية، لكن الضعف العسكري العربي تسليحا وتدريبا والأسلحة الفاسدة وتواطئ بعض الأنظمة العربية ودعم أمريكيا وبريطانيا للقوات الصهيونية أدى الى حدوث كارثة عام 1948 وتشريد نحو 750 ألف مواطن فلسطيني من وطنهم، وعندما أعلنت بريطانيا بتاريخ 15/05/1948 عن انتهاء انتدابها على فلسطين أعلنت العصابات الصهيونية عن قيام كيانها المسمى (إسرائيل) ومباشرة اعترفت بهذا الكيان كل من أمريكيا والاتحاد الصوفياتي ولحق بهما فيما بعد الدول الأوروبية والاتحاد السوفيتي ثم الأمم المتحدة بشرط قيام دولة فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم حسب القرار 194 وقد ارتكبت العصابات الصهيونية عدة مجازر أثناء احتلالها منها مجزرة “دير ياسين” الذي قال عنها مناحم بيقن لولا هذه المذبحة لما قامت دولة إسرائيل. بناءا إلى ما تقدم وإذا نظرنا اليوم إلى واقع الأمر بعد أن خاضع الشعب الفلسطيني كل ثوراته وانتفاضاته وقدم التضحيات وصولا إلى مؤتمر مدريد عام 1993 وما تبعه من اتفاقيات أبرمت وغيرها من إعلان مبادئ السلام نجد أن هذا العدوّ لم يستجيب  لكل هذه المبادرات ويمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على 22 % من مساحة الأراضي الفلسطينية التاريخية، كما أن هذا الاحتلال مازال يمارس بناء مزيد من المستوطنات ومحاولة شرعنتها كما جاء على لسان ناتنياهو وأعوانه وإقامة الطرق الالتفافية، إنما يجري اليوم في فلسطين من مجازر وإرهاب وامتهان لحقوق الانسان واعتقال المواطنين واغتيال المناضلين ومصادرة الأراضي وقتل الأطفال والنساء والشيوخ واقتحام حرمة ساحة المسجد الأقصى والحرم الابراهيمي وقطع الأشجار وغلق الطرقات واجتياح المدن والقرى والمخيمات في الضفة الغربية، وكل ذلك يجري والمجتمع الدولي للأسف والمنظمات الدولية المعنية لم تجرأ على اتخاذ موقف حازم وشجاع لردع هذا الكيان عن ممارساته الاجرامية والزامه بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني.

ان الوضع في فلسطين إزاء هذه الممارسات الاجرامية لا يبشر بالخير وتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.

إن ذكرى تقسيم فلسطين الذي أصبح اليوم يوم تضامن عالمي مع فلسطين يذكره الشعب الفلسطيني بكل مرارة ويذكر كم من التضحيات والدماء التي سالت من أجل فلسطين، وكم من المؤامرات والطعنات للقضية الفسلطينية من القريب والبعيد ومع هذا ان هذا الشعب قد عرف أن طريقه طويلة وتضحياته جسيمة وملاحم بطولاته أسطورية وإيمانه بحقه وثوابته أقوى من أعدائه لأن هذا الاحتلال إلى زوال.

لقد اثبتت الأيام أن العقلية الصهيونية واطماعها التوسعية ليست لها حدود ولا يمكن أن تتغير بتغيير قياداتها إلا باقتلاع جذورها ومرتكزاتها من فلسطين. إنما يجري اليوم في فلسطين في يوم التضامن العالمي مع شعبها وتضحياته جعل في كل بيت عربي صدمة لموقف بعض الأنظمة العربية التي تقف موقفا سلبيا مما يجري وتلك المطبعة مع هذا العدو، وجعل في حلق كل صديق عالي صاحب ضمير غص لكل ما يشهده في المجتمع الدولي والمنظمات الدولية موقف عاجز عن أداء دوره ولجم ممارسات هذا العدو الغاشم

يجب أن تقرع جميع أجراس كنائس العالم وترفع أصوات الآذان في المساجد في يوم التضامن العالمي مع فلسطين إيذانا بإنهاء جريمة هذا العصر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق